1 / 40

ملخص لكتاب محمد بن أبى عامر؛ من كاتب للشكاوى إلى ملك الأندلس للمؤلف عبد العزيز حافظ دنيا

ملخص لكتاب محمد بن أبى عامر؛ من كاتب للشكاوى إلى ملك الأندلس للمؤلف عبد العزيز حافظ دنيا. إعداد جنات عبد العزيز دنيا. يقول المؤلف فى المقدمة : هذه سيرة من أروع سير الطموح البشرى والتطلع الإنسانى نحو مراتب المجد والسيادة . سيرة شاب دفعه طموحه ومسعاة إلى أن

amish
Download Presentation

ملخص لكتاب محمد بن أبى عامر؛ من كاتب للشكاوى إلى ملك الأندلس للمؤلف عبد العزيز حافظ دنيا

An Image/Link below is provided (as is) to download presentation Download Policy: Content on the Website is provided to you AS IS for your information and personal use and may not be sold / licensed / shared on other websites without getting consent from its author. Content is provided to you AS IS for your information and personal use only. Download presentation by click this link. While downloading, if for some reason you are not able to download a presentation, the publisher may have deleted the file from their server. During download, if you can't get a presentation, the file might be deleted by the publisher.

E N D

Presentation Transcript


  1. ملخص لكتاب محمد بن أبى عامر؛ من كاتب للشكاوى إلى ملك الأندلس للمؤلف عبد العزيز حافظ دنيا إعداد جنات عبد العزيز دنيا

  2. يقول المؤلف فى المقدمة : هذه سيرة من أروع سير الطموح البشرى والتطلع الإنسانى نحو مراتب المجد والسيادة . سيرة شاب دفعه طموحه ومسعاة إلى أن يبلغ ما يريد من جاه وسلطة. سيرة شاب وهبه الله عزيمة جبارة وأودع بين جنبيه نفسا بعيدة المطامح ، شاب أصبح مفخرة من مفاخر التاريخ العربى الإسلامى . هذه سيرة المنصور محمد بن أبى عامر الذى استولى على دولة الأندلس ونصب نفسه ملكا عليها ، والذى استطاع إذلال الممالك النصرانية فى الشمال والعمل على تأديبهم المستمر فبلغت الأندلس فى عهده أقصى اتساع . وفيما يلى نعرض ملخص للكتاب :

  3. فى ساحة جامع مدينة طرّش بالأندلس جلس الشيخ عبد الله بن أبى عامر - المكنى بأبى حفص وهو من آل معافر اليمنية - فى يوم من أيام عام 328 هـ بين مريديه يلقى عليهم درس صلاة العصر كما تعود.وبينما الشيخ مستمرا فى إلقاء الدرس إذ دخل المسجد أحد غلمان قصره وقال له : إن سيدتى قد جاءها المخاض وهى على وشك الوضع. وما كاد الشيخ يسمع هذا الخبر حتى ختم درسه وقال لمستمعيه : إلى لقاء آخر إن شاء الله . وخرج مسرعا من المسجد متجها إلى قصره . كان الشيخ يدعو ربه أن يجعل تحت زوجته مولودا ذكرا يخلفه فى الدعوة إلى الله. استجاب الله لدعاء الشيخ ورزقه بولد أسماه محمد.

  4. ولما اشتد عود الوليد كان والده يصطحبه معه ،وهو لم يبلغ الخامسة بعد، فى الاجتماعات التى كان يجتمع فيها مع أقرانه من المشايخ والفقهاء .وكان جل حديث الشيخ مع زواره وإخوانه عن سيرة جده الكبير الفارس عبد الملك بن عامر الذى شارك فى فتح الأندلس تحت قيادة طارق بن زياد واستطاع بفرقة من الجنود العرب بالاستيلاء على مدينة قرطاجنة وهى أول مدينة حصينة استولى المسلمون عليها فى الأندلس ، وبعد الفتح أقطعه موسى بن نصير حصن (طرّش) جنوب الأندلس فاستقر بها . كبر الطفل محمد، ولما بلغ السادسة من عمره ألحقه والده بمدرسة المدينة لتحصيل العلم وحفظ القرآن الكريم .

  5. ولما بلغ محمد الثامنة عشر ة من عمره أرسله أبوه الى مدينة قرطبة عاصمة الدولة للإلتحاق بجامعتها . كان أساتذته يثنون عليه ويمتدحون تفوقه . كان محمد شديد الطموح عظيم الهمة واسع الأمل ذو عزيمة جبارة .وكان فى أول عهده بالتعليم فى الجامعة يؤهل نفسه ليكون قاضيا أو ليقوم بعمل من أعمال الدواوين شأن أعمامه وأجداده .وبدأ يتطلع إلى تحقيق أمل أكبر ؛ أمل يرتفع به إلى وظائف الدولة العليا ، وليس هذا فحسب بل كان الفكر يسرح به بعيدا ويؤكد له أنه فى يوم ما سيجلس على كرسى الخلافة فى قصر الزهراء . وبعد أن أتم دراسته الجامعية مات والده، فاستاجر حانوتا بالقرب من قصر الزهراء – مركز الخلافة – لكتابة العرضحالات والشكاوى .

  6. كانت أمنيته الكبرى أن يلج باب القصر . وفى اليوم الثانى من شهر رمضان سنة 350 هـ توفى عبدالرحمن الناصر خليفة الأندلس ، وتمت مبايعة الخليفة الجديد (الحكم المستنصر بالله) ،وتدفقت الجموع إلى ساحة القصر للمبايعته. استطاع محمد بصلته بالحاجب جعفر المصحفى أن يكسب وده فعينه فى وظيفة كاتب فى محكمة قرطبة . وقد ابتهج محمد بهذه الوظيفة و اعتبرها خطوة تمهد له الإتصال بموظفى الدولة . رزق الخليفة الحكم بولى العهد من الأميرة صبح ، وسرعان ما هرعت الجموع لتهنئته بالمولود الجديد . كان محمد بن أبى عامر يقف مع أربعة من أصدقائه ضمن الحشود التى هرعت للتهنئة .

  7. كان يقف شارد الذهن ،وجنح خياله فرأى نفسه يقف فى الشرفة مكان الخليفة وخلفه رجال الدولة والوزراء وغلمان القصر؛ يحيى الشعب الذى جاء لتهنئته بمنصب الخلافة. وما زال غارقا فى أحلامه وتخيلاته حتى أفاق على حركة الناس وهم يبرحون ساحة القصر. رجع إلى منزله ومعه أصحابه ، وبعد أن تحدثوا فيما شاهدوه قال لهم:((سأقف فى شرفة القصر يوما ما وأنا حاكم هذه الدولة)). ظن أصحابه أن به مس من الجنون أو أنه يمزح . لمس الخليفة في الأميرة صبح زوجته قوة ورجاحة فى العقل فأوكل إليها إنجاز أعمال الدولة بصحبة الحاجب جعفر المصحفى . فطلبت تعيين كاتبا يساعدها فى تسجيل الرسائل والمكاتبات الواردة للقصر

  8. من حكام الولايات . أعلن القصر عن هذه الوظيفة ، فتقدم لها محمد بن أبى عامر ودخل القصر ، كان المصحفى قد زكى بن أبى عامر عند الخليفة ، ورأت الأميرة على وجهه دلائل الهمة وانتهت المقابلة باختياره للوظيفة . وبدأ محمد عمله فى مكتب الأميرة وأظهر كفاءة فى عمله وبعد فترة من الزمن قامت الأميره بتعيينه وكيلا لإدارة أملاكها بجانب وظيفته الأساسية. باشر محمد وظيفته الجديدة بهمة ونشاط فجن جنون الحاجب المصحفى فقد كان يريد هذه الوظيفة لأحد أولاده ، فدفن شعور الكره له وبدأ ينتهز الفرصة ليؤلب الخليفة عليه .

  9. شعر محمد بما يكنه المصحفى من بغض له فضاعف من صلاته بالأميرة ، واستطاع بذكائه أن يستميل قلوب كل من فى القصر . استطاع محمد بن أبى عامر بما لديه من دراية فى إدارة الأعمال أن يضاعف الإيرادات الخاصة بأملاك الأميرة مما جعلها تشيد به أمام الخليفة الذى أصدر أمرا بتعيينه وكيلا لإدارة أعمال ولى العهد ، ثم أسند إليه بعد ذلك منصب المشرف على ( دار السكة ) وهى – خزينة الدولة – الذى خلا بوفاة صاحبه . توثقت الصلة بينه وبين الكثير من رجال الدولة وكان أكثرهم يعيش فى بزخ وكان أسلوب حياتهم يجعلهم هدفا للأزمات المالية ، فكان البعض يلجأ إلى بن أبى عامر ليعطيه مايسدد به ديونه .

  10. وبهذا الاسلوب استطاع بن أبى عامر أن يضم إلى جانبه الكثير من رجال الدولة . عظمت ثقة الخليفة بابن أبى عامر فأخذ يوليه المناصب الرفيعة والأميرة تزكيه. إنتقل الشاب الطموح كاتب العرضحالات فى طائفة من الوظائف الهامة فى الدولة وأصبح من دعائمها فى خلال بضع سنوات ، واستطاع محمد أن يتقرب إلى رجال الجيش وأن يتعرف على أسرار قيادة الجيوش . إزداد حقد المصحفى على إبن أبى عامر وانتهز فرصة وفاة قاضى أشبيلية فرشح للخليفة ابن أبى عامر كى يتولى منصب قاضى أشبيلية ليقصيه عن القصر ، فوافق الخليفة .

  11. وكانت فرصة المصحفى للتخلص منه . كان الأمويون فى الأندلس يعنون بأمر المغرب الأقصى لقربه من حدود الأندلس الجنوبية . وكان الحسن بن كنون زعيم الأدارسة وصاحب مدينة ( أصيلا) قد نقض طاعته للخليفة الحكم فبعث الخليفة جيشا بقيادة غالب الناصرى لمحاربة الأدارسة ، وخرج غالب بالجيش ، وقد زوده الخليفة بأموال كثيرة . وبعد قتال عنيف استطاع غالب أن ينتصر على الأدارسة ويرغم ابن كنون على التسليم وذلك فى عام 363هـ . كان المصحفى يكره غالب فاقترح على الخليفة تعيين محمد بن أبى عامر كبيرا لقضاة المغرب وذهابه إلى مراكش ليراجع غالبا ويحاسبه على الأموال التى صرفها ويعرف المصادر التى صرفت فيها .

  12. وذهب ابن أبى عامر إلى مراكش واستقبله غالب وزعماء البربر بالحفاوة،وتحدث محمد مع غالب وتألق فى حديثه فبهره واستولى على لبه، وأعجب زعماء البربر برجاحة عقله وحلو حديثه . بدأ محمد مهمته فبدلا من محاسبة غالب على الأموال التى أنفقها أغدق العطايا والمنح على رجال الجيش مكافأة لهم على النصر الذى قطع الدعوة للفاطميين فى المغرب . إزداد إعجاب الخليفة بابن أبى عامر لنجاحه فى مهمته فى المغرب و كافأه بأن أضاف إليه مهام أخرى مع استمرار أعماله السابقة . وفى منتصف عام 364 هـ جمع الخليفة أهل القصر وبينهم المصحفى وابن أبى عامر وأمر المصحفى بقراءة وثيقة تضم نقل الخلافة لولده هشام – الذى لم يبلغ الحادية عشر بعد - ، وجاءت الموافقة من الجميع .

  13. توفى الخليفة الحكم المستنصر بالله فى شهر صفر عام 366 هـ. وأصبح إبنه هشام خليفة وأصبحت الأميرة صبح هى الوصية على إبنها القاصر وهدأت نفسها فهى ستحكم الأندلس بعد أن كانت تحكمها من وراء ستار عشر سنوات . بعد عدة أيام تم تعيين محمد بن أبى عامر وزيرا . بلغت مسامع ملك ليون وملك نافار من ملوك الفرنجة بموت الخليفة الحكم ، فانتهزوا هذه الفرصة وانطلقوا بجيوشهم لاستعادة ما أخذه المسلمون من المدن والحصون الإفرنجية، ووصلت غاراتهم حتى جبل الشارات وظهرت أعلامهم من حصون قرطبة . ورفض المصحفى أن يجهز جيش للخروج لقتالهم خوفا من أن تقوم العناصر المناوئة للدولة بثورة تقتلع نفوذ الخلافة .

  14. عقدت الأميرة صبح مجلس الوزراء . رفض بعض الوزراء شن الحرب خوفا من العواقب ولم تستعد الدولة بعد ، ولكن الأغلبية وافقت على قتال الأعداء واتفق الحاضرين فى النهاية على أن يقود الجيش ابن أبى عامر ، فقال : ((قبلت على أن أتجهز بمائة ألف دينار )).وخرج ابن أبى عامر بالجيش فى شهر رجب سنة 366م . وزحف حتى هزم جيش الفرنجة ، وقفل راجعا إلى قرطبة بصحبة السبى والغنائم . واحتفلت قرطبة بهذا النصر وأحبه الجنود واستقرت مكانته فى النفوس ، واستطاع أن يزيل من طريقه من كانوا يقفون حجرة عثرة . ولم يبق أمامه إلا المصحفى . كان المصحفى قريبا إلى الخليفة الحكم ومع أنه كان فى طليعة كتاب الأندلس وشعرائها إلا أنه لم ينجح فى إقامة صداقات مع أحد.

  15. ولمّا ثبّته الخليفة هشام فى الحجابة أخذ يحتجز الأموال وصار جل همه أن يكثر من ضياعه وثرواته وفرض الأتاوات على التجار وملأ وظائف الدولة بأولاده وأقاربه وعين إبنه حاكما على قرطبة ، ولما لمس فيه ابن أبى عامر هذه النقائص بدأ يحصى عليه سقطاته ليتخلص منه . و فى أول شوال عام 366هـ ورد إلى القصر بأن الفرنجة يستعدون لمهاجمة بعض مدن الدولة. أسرع ابن أبى عامر وأعد جيش الحضرة بقيادته وانطلق به للإنضمام إلى جيش الثغر بقيادة غالب ، والتقا الجيشان بجيش الفرنجة وهزموهم شر هزيمة وعاد محمد بن أبى عامر إلى قرطبة مصحوبا بالنصر والغنائم بين هتاف الشعب له .

  16. إجتمعت الأميرة صبح به وشكرته على النصر وقال لها :((إننى خادم مطيع للدولة يامولانى ورغبتى بعد ذلك أن أضبط قرطبة التى انتشرت فيها الفوضى واستأسد فيها اللصوص والمرتشون)) . كان غالب يكره المصحفى ويريد أن يعزل ابن المصحفى عن حكم قرطبة ، فاتفق مع محمد بن أبى عامر على تدبير ذلك . وفى صباح اليوم التالى أصدر الخليفة أمرا بعزل محمد بن جعفر المصحفى عن حكم قرطبة وتعيين محمد بن أبى عامر حاكما عليها بدلا منه إلى جانب وظائفه السابقة . أحسن محمد ضبط قرطبة ، ونشر فى أرجائها الأمن وقطع دابر الراشين والمرتشين واللصوص.

  17. تزوج محمد بن أبى عامر من أسماء بنت القائد غالب الناصرى، وتكريما للعريس أنعم الخليفة عليه بمنصب (ذى الوزارتين ) ، كما أنعم على القائد غالب بمنصب الحجابة مشاركة مع جعفر المصحفى اجتمع بن أبى عامر بالأميرة صبح يوما وقال لها : (( لقد ارتفع أنين الناس ، وجأروا بالشكوى من مظالم المصحفى التى فاقت كل احتمال ؛ فحقوقهم تؤكل ، ومصادر رزقهم تصادر اذا لم يبادروا بتقديم الرشاوى )).و ثبت ارتشاء المصحفى وانتهابه لأموال الدولة ، فأصدر الخليفة أمرا بعزله من منصبه والقبض عليه واعتقاله ومصادرة أمواله وأملاكه ومحاكمته. ظل المصحفى فى السجن خمس سنوات ثم مات فى السجن . وعقب عزل المصحفى من الحجابة أصدر الخليفة مرسوما بتعيين محمد بن أبى عامر حاجبا للدولة وتقاسم الوظيفة مع صهره غالب الناصرى .

  18. أصبح بن أبى عامر بعد ذلك صاحب الكلمة العليا الفاصلة فى شئون دولة الأندلس ولم يكن الخليفة هشام سوى أداة طيعة فى يده، فعزله ابن أبى عامرعن الناس،وانتزع كل إختصاصاته مما أغضب الأميرة ، وزاد فى غضبها أنها لا تستطيع أن تنال منه ؛ فانتصاراته على الفرنجة ورعايته للشعب وتطهير قرطبة من اللصوص والمرتشين جعلت الشعب يزداد حبه له . بدأ إبن أبى عامر بعد أن حجر على الخليفة أن يؤمن مكانته ؛ قرر تشييد مدينة جديدة سماها الزاهرة ونقل إليها دواوين الحكومة وبنى فيها قصرا له سماه ((قصر العامرية )) وبنى عدة قصور للضيافة ، وأعلن أن الخليفة قد فوض إليه النظر فى شئون الخلافة .أرسلت الأميرة إلى غالب حماه برسالة تشكو إليه حالها وحال الخليفة فساء غالب ما سمعه وذهب إلى قرطبة لمقابلة محمد بن أبى عامر .

  19. قابل محمد بن أبى عامر حماه ، وقال له بأنه حجر علي الخليفة لمصلحته ليقضى على منافسيه وأن يخلص ملكه من الطامعين فيه. خرج غالب من عند بن أبى عامر وهو يشك فى كل كلمة قالها زوج إبنته وآثر أن يتريث حتى تكشف له الأيام نواياه . قرر محمد أن يكون له جيش منظم كثير العدد كامل الأهبة حسن التدريب يدين له بالولاء ،ورأى أن جيش غالب مكونا من العرب الأندلسيين وتنظيمه الحربى ناقص . فاستعان محمد بفرسان البربر فى زيادة جيشه ، وكذلك استعان بالأمير جعفر بن على المقيم فى المغرب وهو قائد خبير بفنون الحرب للإنضمام إليه ، وأكثر من اجتلاب العبيد ، ودعا قوما من مسيحى الشمال للانخراط فى جيشه ومنحهم العطايا الكثيرة ؛

  20. فقد كانت الأمور فى شمال أسبانيا سيئة من جراء الصراعات الداخلية . فرض بن أبى عامر أجور عالية لمن يلبى دعوته ، فأسرع الكثير للإنضمام إلى جيشه، وكان نظام القبيلة لا يزال غالبا على الجيش ؛ فكل قبيلة تقدم المقاتلين اذا اندلعت الحرب ، فشرع ابن أبى عامر فى إلغاء ذلك ، وغير النظام القديم . ثم الحق الذين يثق بهم من العرب فى فرق الجند . وعلم غالب بهذا كله فزادت كراهيته لزوج إبنته الطموح ، وشعر بالخطر يدنو منه وقرر الخلاص منه ، فدعاه إلى وليمة فاخرة وبعد الطعام قال له غالب :(( إننى أرى يامحمد أن غرورك سيوردك موارد الهلاك))،

  21. فرد عليه محمد :((ما أنا بمغرور ولكننى قضيت على الفساد ، وضبطت البلاد وأسعدت الناس )). إحتدم الجدل بينهما ، واستشاط غالب غضبا فسب محمد وقال :((ما أنت إلا ثعلب رواغ )) - أى خادع، فرد عليه محمد قائلا :(( ماكان لثغلب أن ينطلق لقتال الأعداء يوم أن تحصنت أنت فى مدينتك وتركت الفرنجة يسطون على البلاد ويخربونها ، وينعم الخليفة عليك بمنصب الحجابة بدلا من المصحفى )). ثارت ثائرة غالب فاستل سيفه وضربه فأصابه إصابة بسيطة فى صدغه وأنامله واستطاع محمد أن يفر من أمامه . احتدمت الحرب بينهما ولم يستطع غالب الصمود أمام جيش زوج إبنته فاستعان بعدو الدولة الملك ليون ، ودعاه فى الإشتراك معه فى قتال إبن أبى عامر ،

  22. وهو الأمر الذى اعتبرته أسماء إبنته وزوجة محمد خيانة لا تغتفر بأن يستعين بعدو الدولة الذى كثيرا ما أغار على المدن المسيحية ونهبها . ودارت الحرب بين الجيشين جيش غالب والملك ليون من جهة وجيش بن أبى عامر من جهة أخرى ،وانتهت بمصرع غالب ومصرع الملك ليون . توالت انتصارات ابن أبى عامر على ملوك وحكام ليون وقشتالة ونافار . وفى أعقاب ذلك أضاف الى إسمه لقب ( المنصور )،وأمر بالدعاء له على المنابر بعد الدعاء للخليفة هشام . استطاع محمد بن أبى عامر أن يقضى على المؤامرات التى كانت تحاك للقضاء عليه ؛ منها الإتفاق الذى تم بين الأميرة صبح والأمير جعفر .

  23. الأندلس فى عهد المنصور محمد بن أبى عامر

  24. قام المنصور عام 371هـ بحملة عسكرية كالصاعقة على القوط التى قامت بأعمال تخريبية فى مدن المسلمين وقتلوا من المسلمين خلقا كثيرا ،واستطاع أن يدمر قلعة سمّورة الحصينة ويقتحمها وفتك بحاميتها من النصارى ، فهرب أهلها الى قلعة قريبة تسمى "سانت مانس" فدخل عليهم المنصور ودمرها فأصبح الطريق الى مدينة ليون العاصمة مفتوحا وسائغا ، ولكنه لم يدخل ليون هذا العام لشدة البرد وقتها وتساقط الثلوج فى تلك المناطق . وفى عام 373هـ قام المنصور بغزوة "ليون الكبرى"وفى النهاية إستطاع أن ينزل الهزيمة على الفرنجة والنصارى ودخل عاصمتهم وخرب قلاعها وحصونها وساق منها 3 آلاف أسير وأمر أن يرفع الآذان فى جنبات ليون لأول مرة.

  25. وفى عام 374هـ أعاد فتح برشلونه فى أقصى شمال الأندلس وهزم الفرنسيين شر هزيمة وضمها مرة أخرى للمسلمين ، بعد أن سقطت فى أيدى الفرنجة من الفرنسيين بعد فتحها على يد طارق بن زياد وموسى بن نصير أيام الفتح الأول. بعد عودة المنصور إلى قرطبة وجه التفاته إلى مشكلة المغرب الأقصى فلقد علم بأن الحسن بن كنون زعيم الأدارسة قد زوده العزيز بالله الفاطمى بالمال وبعثه إلى المغرب لاسترداد إمارته والدعوة للفاطميين. وثارت القلاقل والفتن فى المغرب ، فلم ينتظر المنصور أن تكبر الفتنة ، بل أرسل ابن عمه عمرو بن عبدالله على رأس جيش لمحاربة الحكم الفاطمى العبيدى الشيعى وإخراجهم من المغرب . ثم أرسل جيشا آخر بعد ذلك بقيادة إبنه عبد الملك الظفر بن المنصور بن أبى عامر ودخل فاس .

  26. استقر أمر المغرب للمنصور، فبلغت الأندلس فى عهده أقصى اتساع لها. وفى عام 379هـ ثار عبد الله بن المنصور على أبيه الحاجب المنصور إذ كان يحكم مدينة "سانت استيفان" ولجأ الى بلاد البشكنش - إقليم الباسك حالياً - فطلب المنصور من "غرسيه" حاكم البشكنش بتسليم إبنه فرفض "غرسيه" فقام المنصور بحملة عسكرية قوية على بلاد البشكنشوهُزم البشكنش مما اضطر غرسيه إلى قبول الصلح وتسليم عبد الله بن المنصور الى أبيه ومعه كل من ساعده من المسلمين ، فقام المنصور بضرب أعناقهم جميعا بما فيهم إبنه عبد الله . ومن أهم وأعظم معارك المنصور على الإطلاق معركة « شانت ياقب » (وهى بالأسبانية سانتياغو دي كومبوستيلا،

  27. وتقع فى الشمال الغربى من الأندلس) ، فقد خرج المنصور بجيش من قرطبة فى الثالث والعشرين من جمادى الآخرة عام 387 هـ لغزو مدينة « شانت ياقب » كانت هذه المدينة لها منزلة مقدسة عند النصارى تمثل العاصمة الروحية الدينية لنصارى أوربا ،وتأتى أهيمتها بعد بيت المقدس ورومية – روما - وكانت تلك البلاد هى أمنع بلاد النصارىفى الأندلس لوعورة طرقهاوصعوبة إجتيازها بالجند . ولم يفكر أحد من قادة المسلمين من أيام طارق بن زياد أن يقصد تلك المنطقة الجبلية الوعرة . واصل المنصور زحفه حتى وصل إلى المدينة وخرّبها ودمّر الكنيسة العظيمة التى بنوها فوق قبر الحوارىّ شانت ياقب (وهو القديس يعقوب أحد الحواريين كما يعتقدون).

  28. ولكنه أمر بحماية القبر وصونه وعدم مساسه بأى أذى - احتراما لتعاليم الإسلام - وأخذ المسلمون النواقيس وأبواب الكنيسة وحملها الأسرى النصارى على كواهلهم حتى قرطبة، وجعلها أبوابا لمسجد قرطبةواستخدمت وعلقت به النواقيس رؤوسًا للثريات الكبرى. ووجد المنصور رجلاً شيخا كبيرا من النصارى جالس بجوار القبر ، فأمر المنصور بالكفّعنه . أحاطت الانتصارات المتتالية التى انتصر فيها المنصور على الفرنجة إسمه بهالة من النور وجعلته فى مصاف الأبطال. وفى عام 381 هـ تنازل عن لقب الحاجبوعين إبنه عبد الملك حاجبا ، ثم عين إبنه الثانى عبد الرحمن وزيرا، واقتصر على التسمى بالمنصور .

  29. وفى سنة 386هـ أصدر قرارا بأن يخاطب باسم (الملك الكريم) . ولم يعلن نفسه خليفة ؛ فقد كان يخشى غضب الشعب وثورته ، فهشام هو إبن الخليفة الحكم العادل وحفيد عبد الرحمن الناصر الخليفة العظيم. وكان احترام صفة الخليفة الشرعية لها أهميتها لدى نفوس الأندلسيين . حب المنصور للأدب والعلوم : بالرغم من مشاغل المنصور بشئون الحكم وبغزواته ضد الفرنجة فإنه كان يختلى بنفسه أحيانا فى مكتبته لدراسة الفقة والنحو ومذاكرة مختلف العلوم . كان مفرطا فى إكرام العلماء والأدباء والشعراء ، وكان يجتمع معهم فى قاعة أعدها لذلك فى قصر العامرية كل أسبوع للمناظرة .

  30. وكان المنصور فى كل غزوه يصطحب معه بعض العلماء للاستئناس برأيهم . وكان ينظم شعرا ، ومن أشعاره: رميت بنفسي هول كلّ عظيمة ... وخاطرت والحرّ الكريم يخاطر وما صاحبي إلا جنـانٌ مشيّعٌ ... وأسمـر خطّيٌّ وأبيـض باتـر فسدت بنفسي أهل كلّ سيادة ... وفاخرت حتى لم أجد من أفاخر وما شدت بنيانًا ولكـن زيادة ... على ما بنى عبد المليك وعامـر رفعنا المعالي بالعـوالي حديثة ... وأورثناها فـي القـديم معافـر موت المنصور : وفى غزوته الأخيرة عام 392هـ التى استولى فيها على أرض مدينة قشتالة وبعد أن انتصر وغنم كعادته وكان عمره وقتها ناهز 65عاماً ، أصابه مرض إختلف الأطباء عليه فى طريق العوده إلى قرطبةوأصبح غير قادر على ركوب جواده ، وأحس بدنو أجله.

  31. فأوصى ألا يحمل فى تابوت ، وأمر أن يدفن مكان موته وكان وقتها فى مدينة " سالم" ،وأمر أن يدفن معه غبار المعارك ، الذى كان يجمعه ، حتى تشهد له أمام الله بجهاده ، وأمر أن يكفن بتلك الأكفان التى كانيحملها معه دائما فى المعارك. وفى مدينة سالم فاضت روحه ودفن فيها وكان ذلك فى ليلة الاثنين 27 رمضان شهر رمضان سنة 392هـ -1002م . ونقشت على قبره تلك الأبيات : آثـــاره تنبيــك عــن أخبــاره **حتـى كأنـك بالعيـان تـراهُ تالله لا يأتي الزمان بمثله **أبدًا ولا يحمي الثغور سواهُ وصل الخبر إلى الأميرة صبح فى قصر الزهراء ،

  32. فانسابت الدموع من عينيها ونسيت فى التوى إساءة المنصور لها ولإبنها ، وقالت لخادمتها ” لقد اقتنعت أنه أقدم على ذلك ليحفظ للخليفة عرشه الذى كان يحيط به الأعداء فقام بالقضاء عليهم جميعا حتى استخلصه لهشام .. كما قضى على مطامع الفرنجة بغزواته العديدة حتى أعاد للدولة هيبتها وقوتها وإذا كان قد اغتصب السلطة من هشام فقد كان له العذر فما كان هشام بقادر على أن يسوس البلاد.“ كان الأمر اللافت للنظر في حياة المنصور أنه ورغم طول فترة حكمه التي امتدت من سنة 366هـ وحتى سنة 392هـ لم تقم أي ثورة أو تمرد في عهده على طول البلاد واتساعها ، كلمات أخيرة

  33. واختلاف أمزجتها، عدا المؤامرات الفردية التى كانت تحاك له ، ويقضى عليها سريعا . شدته وعدله في الحكم : كان الحاجب المنصور رجلا قويا، محكِما للأمن والأمان في البلاد، كما كان عادلا جدا مع الرعية، كان المنصور بجانب سعيه المشروع وغير المشروع لتحقيق أمله الذى عاش من أجله ، عادلا برغم ذلك كله ، وكان شديدا فى الحق لا تأخذه فيه محاباة ولا شفقة . مات المنصور بعد أن بلغ ذروة المجد . وكان عدله فى الخاصة والعامة، وبسْط الحق على الأقرب فالأقرب من خاصته وحاشيته ، أمرا يضرب به المثل )).

  34. أقوال العلماء عن المنصور : ويقول عنه بن حيان : ((... ساس الأمور أحسن سياسة ، فانتظمت له الممالك واتضحت له المسالك وانتشر الأمن فى كل طريق، واستشعر اليُمن كل فريق وكانت أيامه أحمد الأيام )). وقال عنه "الذهبي”(( كان من رجال الدهر رأيًا وحزمًا، ودهاء وشجاعة وإقدامًا، استطاع استمالة الأمراء والجيش بالأموال، ودانت لهيبته الرجال، وكان حازمًا، قوي العزم، كثير العدل والإحسان، حسن السياسة)). ويقول ابن الأثير: ((كان المنصور بن أبي عامر عالمًا، محبًّا للعلماء، يكثر مجالستهم ويناظرهم، وقد أكثر العلماء ذكر مناقبه،

  35. وصنفوا لها تصانيف كثيرة، وكان حَسن الاعتقاد والسيرة، عادلاً، وكانت أيامه أعيادًا لنضارتها، وأمن الناس فيها )). وقال عنه الفتح بن خاقان فى كتابه (مطمح الأنفس ومسرح التأنس فى ملح أهل الأندلس) أنه تمرّس ببلاد الشرك أعظم تمرّس ،ومحا من طواغيتها كل تعجرف وتغطرس، وغادرهم صرعى البقاع . وقد مدحه الشاعر قائلاً: آثارُهُ تُنْبِيكَ عَنْ أخْبَارِهِ ... حَتَّى كأنَّكَ بالعُيُونِ تـرَاهُ تَاللهِ ما مَلَكَ الجَزيرَةَ مِثْلُهُ ... حَقًّا وَلاَ قَادَ الجُيُوشَ سِوَاهُ دينه وورعه : كان - يرحمه الله - شديد التدين ، قمع أهل البدع وأقام السنة ،

  36. وبلغه أنمكتبة الحكم المستنصر بها كتب بعض الفلاسفة والملاحدة التى تنافى أصول الدين ،وعلم بانتشار تلك الكتب ، وكادت أن تفسد عقائد الناس فقام بحرقها والتخلص منها ، كما قال ابن عذارى فى كتابه (البيان المغرب .. ). قال ابن حيان فى كتابه عن المنصور بن أبى عامر : ((وكان متسماً بصحه باطنه ، واعترافه بذنبه ، وخوفه من ربه ، وكثرة جهاده ، واذا ذُكّر بالله ذكر، واذا خُوّف من عقابه ازدجر“. قال عنه النباهى فى كتابه (المرقبة العليا) بأن المنصور حضر فى صلاة استسقاء ؛ أبدى الخشوع ، وهوباكٍ ودموعه تسيل على لحيته، ودفع الحصير برجله وجلس على الأرض )).

  37. من أهم مناقب المنصور : • بنى مدينة الزاهرة على غرار مدينة الزهراء ونقل إليها كل دواوين الحكم وجعلها عاصمة لملكه سنة 370هـ ،وكانت آية فى جمال المعمار والحضارة ، ونافست قرطبة فى جمالها . • جدد بناء قنطرة قرطبة التى تعد من عجائب الدنيا فى ذلك الزمان كذلك بنى قنطرة آستجة على نهر شنيل والتى سهلت الكثير على المسلمين. • عمل على زيادة وتوسعة جامع قرطبة العظيم . • حكم المنصور محمد بن أبى عامر زهاء 27 سنه ، وغزا أكثر من 54 غزوة لم يهزم فى واحدة قط ، كانت كلها عز للإسلام والمسلمين .

  38. إلى المراجع gannatdonya@gmail.com • دمّر المنصور بن أبى عامر جميع الممالك النصارانية المتواجدة فى شمال الأندلس تدميرا بالغاً. • يعتبر فى حياته الطموحة وشجاعته وعزمه الذى لا يفل وإيمانه وعدله مثل بارز للشباب الطموح . • كانت جميع الممالك النصرانية فى الشمال تدفع للمسلمين • الجزية عن يدٍ وهم صاغرون ...

  39. المراجع : - المعجب فى تلخيص أخبار المغرب – المجلس الاعلى للشئون الاسلامية 1963. - الذخيرة فى محاسن أهل الجزيرة -إبن بسام الشنترينى . - البيان المغرب فى أخبار الأندلس والمغرب لابن عذارى المراكشىّ. - دائرة معارف الشعب – كتاب الشعب 1959. • رحلة الاندلس –محمد لبيب البتانونى .ط 2 - مجلة الرسالة بتاريخ 3 مارس 1941-السنة التاسعة .

More Related